كيف يفاقم التقاعس الغربي عن مواجهة التطرف الإسرائيلي الإحساس بالظلم

د. هشام القروي

 

الإهداء: إلى من أرادوا إسكاتي.

ملخص

يواجه العالم تحدياً خطيراً يتمثل في التطرف، وقد كانت استجابة العالم الغربي له موضع تمحيص ونقاش مكثف. والإشكالية التي تعالجها هذه الورقة، والتي هي منطلق تساؤلات كثيرة، تتعلق بالموقف الغربي الذي يرى التطرف في الجانب الفلسطيني الذي يعرف العالم بأسره أنه ضحية، ولا يملك خيارات كثيرة لاسترجاع حقوقه المسلوبة، في حين لا يرى الغرب التطرف في الجانب الإسرائيلي الذي يملك كل وسائل القوة ولا يتردد في استعمالها ضد الشعب الفلسطيني، الذي يصفه قادة الحكومة الإسرائيلية بأنهم “مجموعة من الحيوانات”.  تهدف هذه الورقة إلى معالجة ظاهرة التطرف الإسرائيلي العنيف في علاقة مع تقاعس الحكومات الغربية في التصدي له. وتستكشف الورقة الأبعاد التاريخية والسياسية والأخلاقية للمشكلة مع عواقب تأثير الصمت الغربي على العلاقات الدولية، لا سيما العالم العربي والإسلامي، والتصور العالمي لمصداقية الغرب. وتؤكد على الحاجة إلى نهج متوازن ومبدئي في العلاقات الدولية.

كلمات مفتاحية

صعود اليمين الإسرائيلي المتطرف، التخاذل الغربي، الإبادة الجماعية، التطرف والكيل بمعيارين، الانهيار الأخلاقي.

 

 

السياسيون إيتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش وميخائيل بن آري، مع تعليق بالعبرية يقول ”كهانا يعيش“ في إشارة إلى حزب قومي متطرف محظور في عام 1994، في القدس، في 29 مارس 2019. (الصورة من تصوير توماس كويكس/وكالة الصحافة الفرنسية).

السياق التاريخي: صعود التطرف الإسرائيلي

يرتبط السياق التاريخي للتطرف الإسرائيلي ارتباطًا وثيقًا بتاريخ الشرق الأوسط المعقد والمضطرب. يمكن إرجاع جذور التطرف الإسرائيلي إلى السنوات الأولى من الصراع مع العرب من أجل تحقيق المشروع الصهيوني (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض!) بقيام دولة إسرائيل، التي تأسست في عام 1948 وسط جدل كبير وصراع مع السكان الفلسطينيين الأصليين. ([1])

قبل قيام إسرائيل عام 1948، كانت عدة مجموعات صهيونية شبه عسكرية ومجموعات مسلحة ناشطة في فلسطين الانتدابية. وكانت الجماعات الرئيسية هي:

الهاغاناه: وهي أكبر المنظمات الصهيونية شبه العسكرية وأبرزها. تأسست عام 1920 وأصبحت الذراع العسكرية الرئيسية للجماعة اليهودية في فلسطين. شكلت الهاغاناه فيما بعد نواة جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد عام 1948. من المنتمين إليها، نذكر آرييل شارون، إسحق رابين، شمعون بيريز، موشي دايان، عيزر وايزمان، وحاييم هيرتزوغ. ([2])

إرغون:  الاسم الكامل هو: إرغون تسفاي ليئومي أو ”المنظمة العسكرية الوطنية“، وهي مجموعة صهيونية شبه عسكرية عملت بين عامي 1931 و1948. كانت فرعاً من الهاغاناه واتبعت الأيديولوجية الصهيونية التنقيحية. نفذت الإرغون هجمات إرهابية ضد أهداف عربية فلسطينية وبريطانية.([3]) من أبرز المنتمين إليها ميناحيم بيجن.

ليحي :المعروفة أيضًا باسم عصابة شتيرن، وهي منظمة صهيونية شبه عسكرية أسسها أفراهام شتيرن في عام 1940 بعد انشقاقه عن الإرغون.([4]) كان اسمها الرسمي ”لوهامي هيروت إسرائيل“ (”مقاتلون من أجل حرية إسرائيل“). عُرفت ليحي بتكتيكاتها الإرهابية ونفذت عمليات اغتيال حتى ضد المسؤولين البريطانيين. من أبرز المنتمين إليها إسحق شامير.

بالماتش: كانت قوات النخبة المقاتلة التابعة للهاغاناه. تأسست عام 1941، ([5]) وشاركت في عمليات مختلفة ولعبت دورًا مهمًا في الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948.

بريت هاكانايم :  وهي جماعة سرية يهودية دينية متطرفة ([6]) نشطت بين 1950-1953 (رغم أن ذلك كان بعد عام 1948).

جماعة مملكة إسرائيل: وتسمى أيضًا جماعة تسريفين السرية ([7])- نشطت في إسرائيل في الخمسينات (بعد عام 1948).

استخدمت هذه المجموعات تكتيكات مختلفة، ضد العرب الفلسطينيين لترهيبهم حتى يتخلوا عن أراضيهم وأملاكهم، بما في ذلك العمليات الإرهابية والتخريب، وفي بعض الحالات، طالت عمليات الإرهاب سلطات الانتداب البريطاني والفصائل اليهودية المنافسة. ساهمت أنشطتهم في تصعيد العنف في الفترة التي سبقت قيام إسرائيل في العام 1948. وقد تحدث العديد من الباحثين عن “الإرهاب اليهودي” في فلسطين. مثلا يبحث شارلز لافيتو (2012) في تاريخ هذا الإرهاب ، متحدياً الرواية السائدة بأن الشعب اليهودي كان وحده ضحية الإرهاب، ومسلطاً الضوء على دور الجماعات اليهودية في ارتكاب العنف ضد الفلسطينيين.([8]) وكذلك فعل بيداهزور  (2014) في فصل بعنوان “الإرهاب اليهودي في إسرائيل في القرن العشرين”. ([9]) ويكشف توماس سواريز عن الإرهاب الذي ارتكبته الجماعات الصهيونية في فلسطين منذ حقبة ما بعد الحرب العالمية الأولى في عهد الانتداب البريطاني وحتى السنوات الأولى من قيام دولة إسرائيل. وعلى الرغم من أن سواريز ليس مؤرخًا في مجال التأريخ، إلا أنه يقدم باقتدار موادا من الأرشيف البريطاني والوثائق الصهيونية ومصادر أخرى ليؤرخ للهجمة الشرسة التي لا هوادة فيها من عمليات الخطف وإطلاق النار والتفجيرات التي ارتكبتها المنظمات الإرهابية الصهيونية. يوجز سواريز الأصول الأيديولوجية والأساس العنصري للحركة السياسية الصهيونية، ويوضح بالتفصيل كيف أن جماعات مثل الإرغون وليحي – ”عصابات الإرهاب في عهد الانتداب“ – لم تكترث إلا بالقليل لتحقيق أهدافها السياسية، مستهدفةً الفلسطينيين الأصليين والسلطات البريطانية واليهود ”غير المتعاونين“ في فلسطين؛ حتى أن لاجئي الحرب العالمية الثانية وضحايا الجرائم النازية من اليهود كانوا يعتبرون وقودًا للأهداف السياسية الصهيونية. ([10]) ويمكن أن نذكر عشرات الباحثين الذين عالجوا قضية الإرهاب والتطرف الصهيوني. لكن نكتفي بهذا القدر من الأمثلة.

 بعد عام 1948، تم استيعاب معظم هذه الجماعات في جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي تشكل حديثًا، على الرغم من أن بعض أعضاء تلك العصابات ذهبوا لتشكيل أحزاب سياسية والتحول إلى السياسة واستلام المناصب.

بعبارة أخرى، هؤلاء الذين رحب بهم العالم الغربي الذي مول ودعم قيام دولتهم على حساب أصحاب الأرض،  أطلقوا شرارة التطرف والإرهاب في أرض فلسطين وفي كامل الشرق الأوسط. وقد أدى تأسيس دولة إسرائيل إلى تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين،[11] مما أرسى الأساس لعقود من التوترات السياسية والاجتماعية والدينية التي لا تزال تشكل المنطقة اليوم.([12]) وفي العقود التي تلت تأسيسها، تورطت إسرائيل في سلسلة من الصراعات مع الدول العربية المجاورة، مما أدى إلى تفاقم العداوات القائمة وتأجيج مشاعر التطرف لدى الجانبين.([13]) وقد ساهمت الحروب العربية الإسرائيلية واحتلال الأراضي الفلسطينية والنضال المستمر من أجل تقرير المصير في خلق بيئة مهيأة لصعود التطرف الإسرائيلي.

 وعلاوة على ذلك، كان نمو المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة وطرد سكانها الأصليين عن طريق التهديد والقتل والمجازر، على أيدي المتطرفين الصهاينة، بما يتعارض مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، مصدرًا رئيسيًا لاستمرار الصراع ودافعًا لتأجيج الكفاح المسلح عند إخفاق كل الوسائل الأخرى لاسترجاع الأرض والكرامة.([14]) ومن الملاحظ أن التوسع الصهيوني كان مصحوبا بالتطهير العرقي ([15])، وهذا ما لم يثر استنكارا في وسائل الإعلام الغربية، ولدى السياسيين الغربيين، الذين استمروا يرون التهديد الوجودي الوحيد هو لأمن إسرائيل، ما يعني ضمنيا أن الفلسطينيين “لا حق لهم” في الوجود أو المطالبة بالأمن أيضا.([16])

وقد أدى توسيع المستوطنات إلى تعميق الفجوة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لا سيما وأن حكومات يمينية ويسارية شاركت في ذلك.([17]) وعلى الصعيد الداخلي، شهد المجتمع الإسرائيلي أيضاً تحولاً نحو أيديولوجيات أكثر تشدداً وقومية، كما يتضح من صعود الأحزاب السياسية اليمينية وتزايد نفوذ الجماعات القومية والدينية المتطرفة. وقد أدى هذا الاتجاه إلى زيادة الاستقطاب في المجتمع الإسرائيلي وساهم في خلق مناخ مواتٍ للتطرف. وقد درس نافوت وآخرون (2022) الأزمة السياسية في إسرائيل في الفترة 2018-2021، لتسليط الضوء على كيفية إسهام تحول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نحو أجندة شعبوية “مناهضة للنظام” في عدم الاستقرار السياسي. ويشيرون إلى أنه “بين عامي 2018 و2021، شهدت إسرائيل أزمة سياسية غير مسبوقة مع أربع جولات من الانتخابات، حيث فشلت الأحزاب في البلاد في تشكيل حكومة ائتلافية مستقرة. يؤكد هذا المقال أن هذه الأزمة كانت نتيجة تحول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن النيو ليبرالية الجديدة نحو أجندة شعبوية “مناهضة للنظام”.” ([18])

 إن السياق التاريخي للتطرف الإسرائيلي معقد ومتعدد الأوجه، وقد شكلته مجموعة من الأحداث التاريخية والعوامل الجيوسياسية والروايات المتنافسة.([19]) إن فهم هذه الخلفية التاريخية أمر بالغ الأهمية لفهم الديناميكيات المعاصرة للتطرف في المنطقة وتعقيدات معالجته من منظور عالمي.

المعايير المزدوجة للحكومات الغربية في مكافحة التطرف

في المعركة العالمية ضد التطرف، من الضروري إجراء دراسة نقدية لدور الحكومات الغربية ونهجها في معالجة هذه القضية الملحة. ففي الوقت الذي تتبنى فيه الحكومات الغربية التزامات بمكافحة التطرف والإرهاب، اتُهمت حتى من طرف مواطنيها – كما رأينا في المظاهرات المساندة للحق الفلسطيني التي اجتاحت المدن الغربية منذ بدأت الحرب العدوانية الأخيرة على غزة –  باستخدام معايير مزدوجة في سياساتها وإجراءاتها.

أحد الأمثلة الصارخة على ازدواجية المعايير هو المعاملة التفاضلية للجماعات المتطرفة على أساس المصالح الجيوسياسية. فلطالما سارعت الحكومات الغربية إلى إدانة المنظمات المتطرفة التي تشكل تهديدًا لأمنها القومي أو حلفائها الإقليميين واتخاذ إجراءات ضدها. ومع ذلك، عندما تظهر أيديولوجيات متطرفة مماثلة في مناطق تتباين فيها الاعتبارات الجيوسياسية (مثلا، في إسرائيل)، غالباً ما تكون الاستجابة خافتة أو حتى داعمة. هذه المقاربة الانتقائية تقوض مصداقية الدول الغربية في نظر المجتمع الدولي وتكرس سردية النفاق.([20])

وعلاوة على ذلك، فإن النهج القائم على التحالفات في مكافحة التطرف قد أكد على ازدواجية المعايير التي تستخدمها الحكومات الغربية. فغالبًا ما تؤدي التحالفات الاستراتيجية إلى مواقف متناقضة من التطرف، كما رأينا في الحالات التي طغت فيها الشراكات العسكرية والاقتصادية مع الدول أو الجماعات المرتبطة بأنشطة متطرفة على الجهود المبذولة لمواجهة هذه التحديات بشكل مباشر. وقد أدى إعطاء الأولوية للمصالح الجيوسياسية على المواقف المبدئية ضد التطرف إلى تآكل السلطة الأخلاقية للدول الغربية وزرع بذور عدم الثقة بين المجتمعات المتضررة. وفي الوقت نفسه، تعرض خطاب الحكومات الغربية وسياساتها للتدقيق في خطابها وسياساتها بسبب حفاظها على معايير متباينة في تصنيف الأعمال والجماعات المتطرفة.

إن مسألة ازدواجية المعايير في مناهج مكافحة التطرف من قبل الحكومات الغربية هي في الواقع مصدر قلق كبير لاحظه الباحثون. ([21]) يمكن أن تؤدي التحالفات الاستراتيجية والمصالح الجيوسياسية في بعض الأحيان إلى مواقف غير متسقة أو متناقضة بشأن التطرف، مما يقوض السلطة الأخلاقية وفعالية جهود مكافحة التطرف. دعونا نتناول بعض المراجع الرئيسية التي تتحدث عن هذه المسألة:

 يناقش روسو وسيلينيكا (2022) هذه الظاهرة في تحليلهما لجهود مكافحة التطرف ومكافحة التطرف العنيف في كوسوفو وجورجيا: “يبرز اهتمام العلماء بعولمة وانتشار المبادرات والتدابير في مجالات مكافحة التطرف ومكافحة التطرف العنيف (هايز وكوندناني 2018). وتسعى العديد من الجهات الفاعلة الدولية إلى توفير القواعد الأمنية ومعايير الحوكمة في هذا الصدد، بما في ذلك المنظمات الدولية والإقليمية، ومجتمعات المانحين، والشبكات عبر الوطنية/العالمية، فضلاً عن الجهات الفاعلة غير الحكومية، والائتلافات غير الرسمية، والمنصات ومراكز الفكر”. (روسو وسيلينيكا، 2022، ص 963-987) يشير الباحثان إلى أن العديد من الجهات الفاعلة الدولية تشارك في تشكيل معايير وممارسات مكافحة التطرف، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى مقاربات معقدة وأحيانًا متناقضة تستند إلى أجندات ومصالح مختلفة.([22])

يقدم سليم (2015) مثالًا أكثر تحديدًا في تحليله لمرحلة ما بعد الثورة في مصر: “لقد انزعجت الولايات المتحدة من الإطاحة بالنظام الزبون لها في مصر، واعتبرت هذا التطور تهديدًا مباشرًا لمصالحها الإقليمية. وهو ما دفع الولايات المتحدة إلى إطلاق سلسلة من استراتيجيات التدخل التي سعت إلى احتواء الثورة وتوجيهها، بمساعدة النخب الحاكمة الجديدة التي لا غنى عنها، في اتجاه خدمة مصالحها الاستراتيجية في مصر والمنطقة”. (سليم، 2015، ص. 177) توضح هذه الحالة كيف يمكن أن تؤدي المصالح الجيوسياسية إلى مواقف متناقضة، حيث قد تعطي القوة الغربية الأولوية للاستقرار والشراكات الاستراتيجية على دعم الحركات الديمقراطية أو مواجهة مصادر التطرف المحتملة.([23])

ويناقش سيمون (2016) المعضلات الاستراتيجية الأوسع التي تواجهها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، والتي يمكن أن تساهم في هذه التناقضات، فيكتب ما يلي: “كما يوضح هذا المقال، تدور الاستراتيجية الأمريكية الحالية في الشرق الأوسط حول الحاجة إلى التوفيق بين مجموعتين من الضغوطات التي تبدو متناقضة. الأولى هي أن الإرهاق من الحرب والضغوط المالية وإعادة التوجيه المستمر للموارد العسكرية-الاستراتيجية نحو مسرح آسيا والمحيط الهادئ تتطلب بالفعل أن تقلل الولايات المتحدة من مشاركتها في أماكن أخرى، بما في ذلك الشرق الأوسط. أما الثانية، فتتعلق بقناعة واشنطن الراسخة بأن هناك علاقة مباشرة بين الوجود الأمريكي الأمامي والحفاظ على توازن قوى مواتٍ في الشرق الأوسط، وهو أمر بالغ الأهمية لأمن المناطق الأخرى، بما في ذلك منطقة آسيا والمحيط الهادئ”. (سيمون، 2016، ص 115-147) يمكن أن يؤدي هذا التوازن الاستراتيجي إلى حالات تتعرض فيها جهود مكافحة التطرف للخطر أو تطبق بشكل غير متسق بسبب أولويات جيوسياسية أخرى.([24])

و لوحظ كذلك أنه غالبًا ما يتم إعادة صياغة حالات العنف التي يرتكبها أفراد أو جماعات منحازة للمصالح الغربية على أنها حوادث معزولة أو تُعزى إلى مشاكل الصحة العقلية، ([25]) في حين أن الأعمال المماثلة التي ترتكبها كيانات أخرى غير تابعة لها يتم وصفها بسرعة بأنها إرهاب. ([26])

وقد أدى هذا التضارب في تعريف التطرف والرد عليه إلى تغذية التصورات حول ازدواجية معايير الحكومات الغربية وتقويض الجهود الرامية إلى الانخراط في استجابة عالمية موحدة وفعالة. في نهاية المطاف، كان لازدواجية المعايير التي أظهرتها الحكومات الغربية في مكافحة التطرف آثار بعيدة المدى، مما أثر على شرعية وفعالية الجهود الدولية لمكافحة التطرف. وقد عززت التناقضات في السياسات والخطابات والأفعال روايات النفاق الغربي ووفرت العلف للدعاية المتطرفة، مما ساهم في إدامة الأيديولوجيات العنيفة.

تسلط الإشارات السابقة الضوء على التفاعل المعقد بين جهود مكافحة التطرف والتحالفات الاستراتيجية والمصالح الجيوسياسية. إن المعايير المزدوجة الناتجة عن ذلك يمكن أن تؤدي بالفعل إلى تآكل السلطة الأخلاقية وخلق حالة من عدم الثقة بين المجتمعات المتضررة. وهذا يؤكد على الحاجة إلى مقاربات أكثر اتساقًا ومبدئية لمكافحة التطرف، والتي يمكن أن تصمد أمام ضغوط المصالح والتحالفات الجيوسياسية المتغيرة.

ولمواجهة هذه التحديات، قد يحتاج صناع السياسات والباحثون إلى:

  1. تطوير أطر عمل أكثر قوة ومتفق عليها دوليًا لمكافحة التطرف تكون أقل عرضة للتلاعب من قبل مصالح الدول الفردية.
  2. زيادة الشفافية والمساءلة في شراكات وبرامج مكافحة التطرف.
  3. الانخراط بشكل أعمق مع المجتمعات المتضررة لبناء الثقة وضمان استجابة جهود مكافحة التطرف للاحتياجات والسياقات المحلية.
  4. دراسة الأسباب الجذرية للتطرف ومعالجتها بشكل نقدي، بما في ذلك العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بدلاً من التركيز فقط على المقاربات القائمة على الأمن.

من خلال الإقرار بهذه التناقضات والمعايير المزدوجة ومعالجتها، قد يكون من الممكن تطوير مناهج أكثر فعالية ومصداقية لمكافحة التطرف، والتي يمكن أن تحافظ على الاتساق عبر السياقات الجيوسياسية المختلفة.

 

السياسة الواقعية والتحالفات الاستراتيجية: الموازنة بين المصالح والأخلاقيات

في مجال العلاقات الدولية، لطالما كان مفهوم السياسة الواقعية  Realpolitikعاملاً محدداً في تشكيل قرارات السياسة الخارجية لقرون. وغالباً ما تنطوي السياسة الواقعية المتجذرة في السعي البراغماتي لتحقيق المصالح الوطنية على عقد تحالفات استراتيجية مع الدول على الرغم من المخاوف الأخلاقية. لذلك، لا بد من النظر في تعقيدات تحقيق التوازن الدقيق بين المصالح الوطنية والاعتبارات الأخلاقية في سياق مكافحة التطرف.

 تتطلب المكافحة العالمية للتطرف التعاون بين الدول ذات الأنظمة السياسية والأيديولوجيات وسجلات حقوق الإنسان المتباينة. وغالباً ما تجد القوى الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، نفسها في موقف صعب يتمثل في إقامة تحالفات مع حكومات متهمة بانتهاك حقوق الإنسان أو دعم جماعات متطرفة. مثلا، تستكشف ورقة بحثية (سحر، 2018) كيف تعاونت الديمقراطيات الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، في إطار “مكافحة الإرهاب” مع أنظمة استبدادية، تمارس التعذيب والمراقبة الجماعية والقتل المستهدف. هذه الممارسات، التي غالبًا ما تنتهك حقوق الإنسان، يتم تطبيعها بشكل متزايد من خلال التعاون الدولي في “مكافحة الإرهاب”، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى المزيد من ردود الفعل المتطرفة والعنف.([27]) وترى إحدى الدراسات (سكير، 2022) أن الاتحاد الأوروبي قد تنازل عن التزامه بحقوق الإنسان والديمقراطية والحكم الرشيد لصالح مقاربة “الأمن أولاً” في جهوده لمكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط. وقد أدت هذه المقاربة إلى تحالفات مع أنظمة استبدادية، مما أضعف دور الاتحاد الأوروبي كقوة معيارية وسلط الضوء على التناقضات في استراتيجياته الأمنية.([28]) وتناقش ورقة بحثية أخرى (فيتزباتريك، 2003) كيف أن المكافحة العالمية للإرهاب، لا سيما في مرحلة ما بعد 11 سبتمبر، تتحدى أطر حقوق الإنسان. وتبحث في الآثار القانونية المترتبة على التحالفات في مجال مكافحة الإرهاب بين الدول الغربية والأنظمة ذات السجلات الضعيفة في مجال حقوق الإنسان، مع التركيز على المعضلات الأخلاقية والتآكل المحتمل للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.([29])

 ويجادل الكثيرون بأن مثل هذه التحالفات تتشكل بدافع الضرورة لمحاربة عدو مشترك، بينما ينتقدها آخرون على أنها تنازل عن المبادئ الأخلاقية لتحقيق مكاسب قصيرة الأجل. وأيا كان الأمر، وعلى افتراض أن الغرب صادق في مكافحته الإرهاب – بغض النظر عن كون العديدين يرون أنه سبب في جزء كبير منه إن لم يكن صانعا له – ، فما الذي يجعله لا يعترف إلى اليوم بدولة فلسطينية في حين أن الولايات المتحدة اعترفت بإسرائيل بعد دقيقتين من إعلانها، وتبعتها الدول الغربية؟ أليس التطرف العنيف الذي يدينه الجميع لفظيا متأتيا من العنف الذي تمارسه إسرائيل يوميا على الفلسطينيين المحاصرين والمضطهدين؟ ثم من هو “العدو المشترك” الذي يكافحه التحالف الإسرائيلي-الغربي في فلسطين؟ هل هو الفلسطيني المقموع الذي لم يرض بسلب أرضه، وقتل أهله، وتشريدهم، فحمل بندقية للدفاع عن القليل الذي بقي له، لأنه وجد نفسه دون نصير، لا من “سلطة وطنية” لا حول لها ولا قوة، ولا من الإخوة العرب، ولا من الغرب؟

 توفر دراسة الحالات التاريخية مثل التحالفات التي تشكلت في حقبة الحرب الباردة مع الأنظمة الاستبدادية أو الشراكات الأخيرة مع الدول المتهمة برعاية “الإرهاب” رؤى قيمة حول الديناميكيات المعقدة التي تلعب دوراً في هذا الصدد. تثير هذه التحالفات أسئلة جوهرية تتعلق بالمسؤولية الأخلاقية للدول القوية، وتأثيرها على السكان المحليين، والتداعيات طويلة الأجل للتحالف مع الجهات الفاعلة المشكوك فيها أخلاقياً.

بالإضافة إلى ذلك، يمتد تأثير السياسة الواقعية إلى مجال المفاوضات الدبلوماسية والاتفاقيات الأمنية الدولية. فغالبًا ما يؤدي إعطاء الأولوية للمصالح الاستراتيجية إلى تهميش اعتبارات حقوق الإنسان، مما يثير نقاشات حول الآثار الأخلاقية المترتبة على مثل هذه القرارات.

هناك أيضا المعضلات الأخلاقية التي يواجهها صانعو السياسات عند تقييم العواقب المحتملة لقطع التحالفات باسم التمسك بالقيم والمبادئ. وكذلك التحديات التي تواجه الحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي مع معالجة المخاوف الأخلاقية، مع الأخذ بعين الاعتبار الآثار المترتبة على ديناميكيات الأمن الإقليمي والعالمي. أخيراً، لا ننفي وجود مناقشات محفزة للتفكير حول إمكانيات تحقيق التوازن بين الواقعية والمثالية في صياغة السياسات الخارجية وتشكيل التحالفات لمكافحة التطرف. لكن نؤكد على حتمية المواءمة بين المصالح الوطنية والأطر الأخلاقية لضمان اتباع نهج مبدئي وفعال في معالجة التهديد المعقد للتطرف. ومن خلال التحليل المقنع والتفكير النقدي، ندعو إلى استكشاف التفاعل المعقد بين السياسة الواقعية والأخلاق في سياق مكافحة التطرف على الساحة الدولية.

الضغوط المحلية والدبلوماسية الدولية

في شبكة العلاقات الدولية المعقدة، غالباً ما يثبت أن التوازن بين الضغوط المحلية والدبلوماسية الدولية مهمة دقيقة وصعبة بالنسبة للحكومات الغربية. ويلعب الرأي العام والديناميكيات السياسية والسياقات التاريخية داخل كل بلد دورًا محوريًا في تشكيل نهج العلاقات الدولية، لا سيما عند التعامل مع التطرف في الدول الأجنبية. ويمكن أن تنشأ المشاعر العامة والضغوط للتصرف بحزم ضد التطرف من مجموعة متنوعة من المصادر، بما في ذلك التغطية الإعلامية وجماعات المناصرة والمواطنين المعنيين. هذه الضغوط المحلية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على عملية صنع القرار لدى القادة الغربيين وصناع القرار. وفي الوقت نفسه، تدخل الاعتبارات الدبلوماسية الدولية بشكل كبير في حسابات التصدي للتطرف. فالتحالفات الاستراتيجية، والمصالح الاقتصادية، والاستقرار الجيوسياسي، كلها عوامل تؤثر بشكل كبير على الاستجابة للأعمال المتطرفة في الدول الأجنبية. ويتطلب هذا التوازن الحنكة في التعامل مع التوقعات الداخلية والخارجية على حد سواء، وكذلك الحفاظ على موقف مبدئي وأخلاقي في الشؤون العالمية. إنه مسعى صعب لمعالجة المخاوف الأمنية الوطنية مع الحفاظ على حقوق الإنسان وتعزيز الاستقرار في المجتمع الدولي. نلاحظ مع ذلك أن لدى جميع الدول الغربية جاليات من المهاجرين أو مواطنون من أصول عربية وإسلامية، وهؤلاء لديهم إحساس قوي بالظلم المسلط على الفلسطينيين من طرف حكم عسكري صهيوني يوصف في الغرب “بالديمقراطي”، رغم قتله الآلاف المؤلفة من الأبرياء ومن بينهم نساء وأطفال وشيوخ. وهناك أيضا إحساس عظيم بالتعاطف مع الفلسطينيين أصبح ملموسا أكثر فأكثر  في بلدان لا تزال حكوماتها تصطف إلى جانب حكومة إسرائيلية متطرفة وهمجية، بدءا بالولايات المتحدة نفسها ووصولا إلى أوروبا، حيث عمت المظاهرات كامل السنة الدراسية، وستعود بعد الصيف. إن هذا الواقع الجديد المتعاطف مع الفلسطينيين والمناهض للسياسات الحكومية، الذي بدأ يتشكل في فرنسا وبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة وكندا، وغيرها من البلدان الغربية، يمثل ضغطا كبيرا. وليس معروف كيف سينتهي الأمر حتى كتابة هذه السطور.

 وعلاوة على ذلك، غالبًا ما تواجه الدول الغربية معضلة تعزيز العلاقات مع الحلفاء (العرب أو سواهم) و اتخاذ موقف حازم ضد التطرف، مما يؤدي إلى مقايضات معقدة وقرارات استراتيجية في مجال الدبلوماسية الدولية. ويشكل التصادم بين الضرورات المحلية والالتزامات الدولية تحدياً هائلاً للحكومات الغربية، مما يستلزم اتباع نهج ودقيق في التعامل مع هذا المشهد متعدد الأوجه. وحتى الآن، تحاول الحكومات إدارة الأزمة تارة عن طريق “الخطاب القديم الأجوف” الذي يردد أغنية “الدولتين” دون أن ينتبه إلى النشاز (حيث لا توجد سوى دولة واحدة هي إسرائيل ولا يريدون الاعتراف بالثانية)، أو بمنع المظاهرات وقمعها، كما وقع في بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة: بلدان “الليبرالية” و “حرية التعبير” … – مبدآن أصبح بالإمكان التندر بهما لدى رؤية الأفعال. وهذا ما يحيلنا إلى مسألتي انهيار القيم الأخلاقية وسقوط المصداقية.

التداعيات الأخلاقية للتقاعس الغربي

في سياق الحرب الإسرائيلية على غزة تحديدا، يبرز شبح التداعيات الأخلاقية في الأفق في مجال مواجهة التطرف مع غياب القرارات المتعلقة بالدفاع عن المدنيين في وجه آلة حربية إسرائيلية  فقدت كل الضوابط واندفعت إلى الانتقام من شعب أعزل دون تمييز. كيف لا يذكرنا هذا الغياب بحالات سابقة تحركت فيها الدول الغربية “للدفاع عن المدنيين” و “مكافحة الإرهاب والتطرف”؟ أفغانستان (2001)، العراق (2003)، ليبيا (2011)، سوريا (2014)، مالي (2013)، كوسوفو (1999). وإزاء الصمت الرسمي في حين تحدث إبادة جماعية في غزة، هل ينبغي أن نعتقد إذن أن إسرائيل تتمتع “بإجازة قتل” لا يتمتع بها أحد سواها؟ من منحها هذه “الإجازة” التي تجعل الدول الغربية ترتجف من رئيس الوزراء الإسرائيلي؟ أسئلة قد نفضل أن يجيب عليها المسؤولون الغربيون. ولكنهم لن يفعلوا.

ومع ذلك، فنحن جميعا يمكن أن نتفق أنه عندما يتعلق الأمر بمواجهة الإيديولوجيات والأفعال التي تتعارض مع حقوق الإنسان والقيم الإنسانية الأساسية، فإن عدم اتخاذ إجراءات حاسمة يمكن أن ينطوي على عواقب أخلاقية عميقة. فالفشل في التصدي بفعالية للحركات المتطرفة – لا سيما حين تستلم السلطة – يمكن أن يؤدي إلى إدامة انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني بل والتغاضي عنها بشكل غير مباشر، مما يؤدي إلى معاناة خطيرة للمدنيين الأبرياء. والحال أن جميع الدول الغربية تعلم ما يجري في إسرائيل منذ وصول بنيامين  نتنياهو إلى السلطة. فالائتلاف الذي تشكل في ديسمبر/كانون الأول 2022، يوصف بأنه الأكثر يمينية وتدينًا في تاريخ إسرائيل. وهو يضم أحزابًا مثل الليكود والحزب الديني الصهيوني وحزب عوتسما يهوديت وغيرها. وقد تمكن نتنياهو من الحفاظ على السلطة من خلال التحالف مع عناصر اليمين المتطرف، ومنحهم مناصب مهمة داخل حكومته.([30]) وهؤلاء أنفسهم هم الذين قادوا الحرب على غزة. واستناداً إلى أحدث المعلومات الواردة حتى 2 أيلول/سبتمبر 2024، فإن الخسائر البشرية في الجانب الفلسطيني في غزة جراء العدوان الصهيوني المستمر تأتي كما يلي: (أ) القتلى: ما لا يقل عن 40,786 فلسطيني. (ب) الجرحى: 94,224 فلسطينيًا.[31] ولا ندخل في التفاصيل، فهي متوفرة لكل من يبحث. يعني أنها معلومة من طرف الدول الغربية طبعا. وهذا ما يجعل مسؤوليتهم الأخلاقية والانسانية أثقل.

 وفي حين أن احترام سيادة الدول هو مبدأ أساسي في القانون الدولي، إلا أنه يجب ألا يكون بمثابة درع تُرتكب خلفه الفظائع مع الإفلات من العقاب… إلا في حالة إسرائيل، حسب ما يبدو!

 ويواجه المجتمع العالمي تحديًا أخلاقيًا يتمثل في الموازنة بين احترام سيادة الدول ومسؤولية التدخل عندما يواجه السكان انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان أو عندما يكونون عرضة لخطر الوقوع ضحية للعنف المتطرف. ومع ذلك، فإن الآثار الأخلاقية المترتبة على التقاعس عن العمل تتجاوز الضحايا المباشرين للتطرف. إذ يتردد صداها في جميع أنحاء المشهد الدولي، مما يؤثر على النظرة إلى مصداقية ونزاهة القوى الغربية والنظام العالمي الأوسع.

إن عدم اتخاذ إجراءات حاسمة ضد التطرف يمكن أن يؤدي إلى تآكل ثقة المجتمعات المتضررة بالدول التي تدعي أنها “مدافعة عن حقوق الإنسان” في كل مكان، في الوقت الذي يعزز فيه أيضًا الجهود الدعائية للجماعات المتطرفة التي تستخدم هذا التقاعس كدليل على النفاق واللامبالاة الغربية. وبينما نتصارع مع الأبعاد الأخلاقية للتقاعس عن العمل، يصبح من الأهمية بمكان تقييم التداعيات طويلة الأجل للسماح للأيديولوجيات المتطرفة بالازدهار دون رادع، واستلام السلطة وقتل الناس بالآلاف. والحديث هنا تحديدا عن إسرائيل، حيث أن الغرب يتجاهل – عن قصد في رأي – أنها محكومة بالمتطرفين منذ 1948، لأنهم كانوا زرعوا بذور العنف منذ الفترة المالية للحرب العالمية الأولى في فلسطين تحت الانتداب، كما أشرنا أعلاه.

 وتتجاوز أصداء العواقب حدود النزاعات الفردية بكثير، حيث تتخطى هذه العواقب حدود الصراعات الفردية، لتشكل مستقبل الأمن والاستقرار العالميين. ولذلك، فإن فهم الاعتبارات الأخلاقية المعقدة التي تحيط بقرار الفعل أو الامتناع عن الفعل في مواجهة التطرف أمر ضروري لصياغة استجابات سياسية فعالة يمكن الدفاع عنها أخلاقياً.

التصور العالمي للمصداقية الغربية

في الساحة العالمية المعاصرة، يلعب تصور مصداقية الغرب دوراً حاسماً في تشكيل العلاقات الدولية والتأثير على الديناميكيات الجيوسياسية. ولطالما اعتُبر العالم الغربي، الذي يمثل القيم الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان وسيادة القانون، معقلاً للقيادة الأخلاقية والسلطة المعنوية. ومع ذلك، فإن الطريقة التي تتعامل بها الدول الغربية مع القضايا الدولية المعقدة، لا سيما في مواجهة التطرف، أثارت تساؤلات حول مدى اتساق وصدق التزاماتها.

ما نريد بحثه هو الطبيعة متعددة الأوجه للكيفية التي ينظر بها المجتمع العالمي إلى مصداقية الغرب في التصدي للتطرف وانعكاساتها على الاستقرار العالمي والثقة في العلاقات الدولية. ويقع في صميم هذا الخطاب التدقيق الموجه نحو استجابات الحكومات الغربية للأنشطة المتطرفة التي ترتكبها بعض الجهات الفاعلة من غير الدول والكيانات التي ترعاها الدول. وقد ساهمت المعاملة التفاضلية للعناصر المتطرفة على أساس الموقع الجغرافي أو التحالفات السياسية أو المصالح المتعلقة بالموارد في تفاوت الإجراءات والسياسات الغربية، ([32]) وهو ما لم يمر مرور الكرام على المجتمع الدولي.([33]) وعلى هذا النحو، هناك شكوك متزايدة فيما يتعلق بصدق الادعاءات الغربية بمكافحة التطرف دون مواربة ودون تحيز. ([34])

 علاوة على ذلك، يتقاطع مفهوم المصداقية الغربية مع مفهوم الالتزام بالمعايير والالتزامات الدولية.([35]) فقد أدى الاصطفاف مع الأنظمة الاستبدادية – وإسرائيل في مقدمتها بسبب معاملتها للفلسطينيين – التي تبدي إما دعمًا أو قبولًا ضمنيًا للأيديولوجيات المتطرفة إلى إثارة الشكوك حول عمق التفاني الغربي في الالتزام بالمبادئ العالمية.([36]) وفي الوقت نفسه، يمكن أن يؤدي التردد في مساءلة بعض الحلفاء عن أفعالهم حين يتعلق الأمر بقتل آلاف المدنيين إلى تآكل الثقة في صدق الجهود الغربية لتعزيز الأمن العالمي ومكافحة التطرف.([37]) كما أن عدم الاتساق في التصدي لمختلف مظاهر التطرف – أي بما فيها اليهودي والصهيوني والمسيحي – ([38]) يزيد من التحديات التي تواجهها القوى الغربية في الحفاظ على مكانتها العالمية.

 ففي الوقت الذي تدين فيه الدول الغربية بشدة أحد أشكال التطرف (وهو دائما التطرف الإسلامي)، فإن الصمت النسبي أو الاستجابة الخافتة تجاه أشكال أخرى من أشكال التطرف يثير شكوك المراقبين الذين يتساءلون عما إذا كانت الإدانات الانتقائية مدفوعة بالنفعية الجيوسياسية أكثر من الالتزام الحقيقي بمكافحة جميع أشكال التطرف. إن التصور العالمي لمصداقية الغرب في مكافحة التطرف يتجاوز الدوائر الدبلوماسية ويتردد صداه لدى الرأي العام في جميع أنحاء العالم. ويقوم المجتمع المدني ووسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية بتمحيص وانتقاد الإجراءات الغربية والنظر إليها من خلال عدسة الاستقامة الأخلاقية والاتساق. وتساهم تقييماتهم في تشكيل التصور العالمي الشامل لالتزام الدول الغربية الحقيقي بمكافحة خطر التطرف بجميع أشكاله. وبينما يستمر السرد حول مصداقية الغرب في التطور، فإنه يتشابك مع المناقشات الأوسع حول مستقبل العلاقات الدولية وإنشاء أطر أخلاقية لتعزيز السلام والأمن العالميين. إن تداعيات الطريقة التي ينظر بها العالم إلى نهج الدول الغربية في مكافحة التطرف لها آثار بعيدة المدى، لا بد أن تؤثر  عاجلا أم آجلا على التحالفات والشراكات والتعاون على نطاق عالمي. إن فهم المخاوف المحيطة بمصداقية الغرب ومعالجتها أمر ضروري لإعادة تقويم مقاربات مكافحة التطرف وتحصين سلامة العلاقات الدولية.

التأثير على الدول العربية والإسلامية

حتى إذا لم تبرز النتائج بشكل سريع في البلدان العربية والإسلامية بعد، فمن المتوقع أن يكون لتأثير المعايير الغربية المزدوجة والتقاعس الغربي في مكافحة التطرف الإسرائيلي عواقب بعيدة المدى على تلك الدول. وبأية حال، فوجود علاقات دبلوماسية بين إسرائيل و بعض الدول العربية والإسلامية لا يعني أن الشعوب تتبنى نفس التفكير. بل لقد كان لفشل الحكومات الغربية في التصدي للجرائم الإسرائيلية وانتهاكات حقوق الإنسان الإسرائيلية صدى عميق داخل العالم العربي والإسلامي، مما أدى إلى خيبة أمل واستياء واسع النطاق. كيف لا، وقد استخدم كبار المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم رئيس الوزراء والرئيس ووزير الدفاع، علنًا لغة تجرد الفلسطينيين من إنسانيتهم ، معبرين عن نيتهم تدمير سكان غزة وتشريدهم، مع فرض حصار لا هوادة فيه، وحرمانهم عمدًا من شروط الحياة الضرورية لبقاء الإنسان. ولعل الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن نتنياهو استشهد بقصة ”عماليق“ التوراتية لتبرير عمليات القتل في غزة. كان العماليق، وفقا للتوراة، أمة محكوم عليها بالإبادة التامة في كتابهم المقدس، كما ورد في 1 صموئيل 15:3 ”والآن اذهبوا وهاجموا العماليق ودمروا كل ما لهم تدميراً كاملاً. لا تعفوا عنهم، واقتلوا الرجال والنساء والأطفال والرضع والبقر والغنم والجمال والحمير“.([39])

وقد أدى ذلك إلى تآكل كبير في الثقة بالدول الغربية، حيث انكشفت حقيقة  إعطائها الأولوية للنفعية السياسية على الاعتبارات الأخلاقية وحمايتها للمتطرفين الإسرائيليين في السلطة في الوقت الذي تترك فيه الحبل على الغارب لمعاداة الإسلام باسم “حرية التعبير” و”حقوق الإنسان”. ويوازي هذا الواقع حقيقة أخرى كريهة تتمثل في دعم القوى الغربية للأنظمة الاستبدادية في المنطقة، عندما ترى في ذلك مصلحتها ، أي عندما يكون الحكام في خدمتها، وانقلابها عليهم عندما يعصون الأوامر. وفي الوقت نفسه، تستمر تلك الدول في الادعاء أنها تناصر القيم الديمقراطية، ما يفاقم لدى الناس الشعور بالخيانة والنفاق.

 وفي نفس السياق، من الطبيعي أن يؤدي إدراك اللامبالاة الغربية تجاه معاناة الفلسطينيين وغيرهم من الجماعات المضطهدة إلى تأجيج المشاعر المعادية للغرب مما يقيم الحجة على هذا الأخير، كونه معاد لتطلعات الشعوب في تحقيق المصير، و بما يساند كل الذين يطالبون بالثورة على النظام العالمي القائم وإزاحته، بالتعاون مع القوى العالمية الصاعدة.

 لا يمكن المبالغة في وصف التأثير الدائم للسياسات الغربية على الدول العربية والإسلامية. فقد أدت إلى توتر العلاقات الدبلوماسية حتى مع حلفاء للغرب مثل تركيا وبعض الدول الخليجية، وأوجدت حواجز أمام التعاون في القضايا الحرجة مثل “مكافحة الإرهاب” (غير المتفق على تعريفه أصلا)،[40] وأدت إلى إدامة دورات العنف وعدم الاستقرار. وقد عزز الاغتراب والحرمان الذي يشعر به الكثيرون في هذه المناطق بيئة مواتية لانتشار الأيديولوجيات المتطرفة والتجنيد. وقد أدى ذلك بدوره إلى تنامي الأنشطة الإرهابية والصراعات التي دمرت المجتمعات مما أدى إلى معاناة إنسانية لا حصر لها. إن تأثير ذلك على الدول العربية والإسلامية يؤكد في جوهره على ترابط الأمن العالمي والحاجة الملحة لاعتماد نهج مبدئي ومتسق لمكافحة التطرف، يبدأ بالوقوف عند أسبابه. وأولها وأكبرها هو مراجعة المواقف الغربية من القضية الفلسطينية. لقد استحوذت إسرائيل على حقوق ليست لها، ومن العدل أن يستعيدها أصحابها.

إن إعادة تقييم السياسات الغربية والالتزام بتعزيز الحوار الحقيقي والاحترام المتبادل والمشاركة البناءة مع دول وشعوب المنطقة هو خطاب سياسي قديم لم يتحقق بعد. و مع ذلك، ينبغي الاعتراف أنه لن يتسنى تغيير مسار الصراع و القضاء على التطرف إلا بتحقيقه. يبقى السؤال الذي تطرحه الواقعية السياسية  في هذا السياق: لماذا سيسمح الغرب بتغيير نوعية العلاقات مع الدول العربية والإسلامية وهو لا يزال في موقع قوة؟ و هل سترضى إسرائيل بتسليم الفلسطينيين الأراضي التي سيطرت عليها في حرب يونيو 1967 لإقامة دولتهم عليها وهي أيضا في موقع قوة؟

ندرك بالتالي أنه من وجهة نظر  الواقعية السياسية لن يتغير شيء إلا بعد تغيير موازين القوة. بعبارة أخرى، سيستمر الصراع بجميع الوسائل، ما لم يقع التوفيق بين الحاجة الأخلاقية لدى الإنسان ومفهوم الواقعية السياسية.

التطرف : عواقب النفاق المحسوس

في عالم اليوم المترابط، لا يمكن الاستهانة بعواقب النفاق المتصور في مكافحة التشدد والتطرف. عندما تفشل الحكومات الغربية في التمسك بقيمها ومبادئها المعلنة في مكافحة التطرف، فإن ذلك يقوض مصداقيتها ويغذي الشعور بالظلم والاستياء بين المجتمعات المهمشة.

إن ازدواجية المعايير في إدانة أشكال معينة من التطرف مع غض الطرف عن أشكال أخرى منه يرسل رسالة ضارة للمجتمعات الضعيفة. ويؤدي ذلك إلى ترسيخ سردية مفادها أن الغرب انتقائي في التزامه بحقوق الإنسان والعدالة، مما يؤدي إلى تنفير أولئك الذين يشعرون بالإهمال والتمييز ضدهم. كما يؤدي النفاق المتصور في جهود مكافحة التطرف إلى إدامة دائرة العنف والصراع. وعندما تقوم القوى الغربية بدعم الأنظمة الاستبدادية نفاقًا باسم المصلحة الوطنية، فإن ذلك يولد خيبة الأمل والعداء بين الشعوب التي تسعى إلى الحرية والكرامة. وتصبح خيبة الأمل هذه حافزًا للتطرف، حيث يبحث الأفراد الذين خاب أملهم في الوضع الراهن عن بدائل تتحدى هياكل السلطة السائدة. وعلاوة على ذلك، تمتد عواقب النفاق الملموس إلى ما هو أبعد من المجال المحلي، مما يؤثر على التصور العالمي لمصداقية الغرب. فالمكانة الأخلاقية للدول الغربية تتشوه عندما تتناقض أفعالها مع التزامها المعلن بحقوق الإنسان والديمقراطية. ولا يؤدي هذا التآكل في الثقة إلى إضعاف التعاون الدولي فحسب، بل يشجع أيضًا الروايات المتطرفة التي تستغل المظالم التي ترتكبها القوى الغربية ضد الظلم المتصور. وفي قلب هذه المعضلة تكمن الحاجة الملحة للتوفيق بين السياسة الواقعية والضرورات الأخلاقية. وفي حين أن التحالفات الاستراتيجية والمصالح الوطنية غالبًا ما توجه قرارات السياسة الخارجية، فإن إهمال الأبعاد الأخلاقية لهذه التحالفات يمكن أن تكون له تداعيات بعيدة المدى. إن إدراك عواقب النفاق الملموس أمر ضروري في تطوير نهج أكثر دقة ومبدئية لمكافحة التطرف. ومن خلال فهم أعمق لديناميكيات القوة المؤثرة وتأثيرها على المجتمعات المهمشة، يمكن صياغة استراتيجيات أكثر استباقية وشمولية لمكافحة التطرف.

مراجع وهوامش

 

[1] انظر دراستنا المنشورة في حلقتين : هشام القروي، “من المسألة اليهودية إلى المسألة الإسرائيلية”، مجلة الفكر، تونس، يونيو ويوليو 1984.

 الحلقة الأولى، العدد 9:   https://archive.alsharekh.org/Articles/97/9781/196539

الحلقة الثانية، العدد 10:   https://archive.alsharekh.org/Articles/97/9774/196332

[2] Stoil, Jacob. “Haganah and British Imperial Forces during the Second World War,” 69–79, 2019.

[3] Calhoun, Ricky-Dale. 2007. “Arming David: The Haganah’s Illegal Arms Procurement Network in the United States, 1945––49.” Journal of Palestine Studies 36 (4): 22–32. doi:10.1525/jps.2007.36.4.22.

[4] Green, D. “Stern Gang (Lohamei Herut Yisrael, LEHI),” 2011. https://doi.org/10.1002/9781444338232.wbeow604

[5] Kimche, J., & Kimche, D. Both Sides of the Hill: Britain and the Palestine War. Secker & Warburg. London.(1960).

[6] Nicosia, Francis R. Review of The Yishuv and the Holocaust, by Dina Porat and David Ben-Nahum. The Journal of Modern History 64, no. 3 (1992): 533–40. http://www.jstor.org/stable/2124598.

[7] Pedahzur, Ami, and A. Perliger. “Jewish Terrorism in Israel,” 2009.Columbia University Press.

[8] Charles A Laffiteau. “Jewish Terrorism and the Creation of the State of Israel.” 2012. https://www.academia.edu/7769556/Jewish_Terrorism_and_the_Creation_of_the_State_of_Israel_pdf

[9] Ami Pedahzur. “Jewish Terrorism in Israel in the 20th Century”. 2014, The Oxford Handbook of the History of Terrorism.

[10] Thomas Suárez. State of Terror: How Terrorism Created Modern Israel. Olive Branch. 2016.

[11] Benny Morris. The Birth of the Palestinian Refugee Problem, 1947-1949. Cambridge University Press, 1989.

[12] Peled, A.R. (1994). The Islamic Movement in Israel. In: Mutalib, H., Hashmi, T.uI. (eds) Islam, Muslims and the Modern State. Palgrave Macmillan, London. https://doi.org/10.1007/978-1-349-14208-8_14

[13] Itamar Mann. “Disentangling Displacements: Historical Justice for Mizrahim and Palestinians in Israel.” Theoretical Inquiries in Law, 21 (2020): 427 – 458. https://doi.org/10.1515/til-2020-0020.

[14] Ilan Pappe, The Ethnic Cleansing of Palestine. Oxford : Oneworld. 2006.

[15] المصدر نفسه. كتاب إيلان بابي يحمل عنوانا دالا: “التطهير العرقي في فلسطين”.

[16] الحق أن المؤرخين الجدد في إسرائيل فضحوا جرائم دولتهم وصمت المؤسسات الرسمية الغربية المتواطئة. نذكر منهم آفي شليم، بيني موريس و إيلان بابي.

[17] Karoui, Hichem, Book Review Essay: Avi Shlaim’s Israel and Palestine (January 8, 2011).

Middle East Studies Online Journal, Vol. 2, No. 4, 2011, Available at SSRN: https://ssrn.com/abstract=1760824

[18] نافوت وآخرون، 2022، ص 327-359. انظر:

Navot, D., Yair Goldshmidt, and Asaf Yakir. “The Limits of Right-Wing Populism in Power and the Israeli Political Crisis of 2018–2021.” The Middle East Journal 76 (2022): 327–59.

[19] في هذا السياق ينصح الباحث بمراجعة “حق المقاومة: الصهيونية والفاشية” الصادر حديثا في لندن، الذي يستعرض فيه تاريخ العلاقات بين زعماء الصهيونية العالمية والفاشيين والنازيين من أجل إنقاذ “نخبة اليهود” وتهجيرها إلى فلسطين.

Karoui, Hichem. The Right To Resist: Zionism and Fascism. Global East West for Studies and Publishing (London. 2023).

[20] Khoitil Aswadi. “THE DOUBLE STANDARDS OF INTERNATIONAL LAW: A COMPARATIVE STUDY OF THE CONFLICT IN UKRAINE AND PALESTINE.” Tirtayasa Journal of International Law (2023). https://doi.org/10.51825/tjil.v2i1.19694.

[21] Brendan O’Duffy. “Radical Atmosphere: Explaining Jihadist Radicalization in the UK.” PS: Political Science & Politics, 41 (2008): 37 – 42. https://doi.org/10.1017/S1049096508080050.

[22] Russo, Alessandra, and Ervjola Selenica. 2022. “Radicalisation, Counter-Radicalisation and Countering Violent Extremism in the Western Balkans and the South Caucasus: The Cases of Kosovo and Georgia.” Critical Studies on Terrorism 15 (4): 963–87. doi:10.1080/17539153.2022.2111777

[23] Selim, Gamal M. “Egypt under SCAF and the Muslim Brotherhood: The Triangle of Counter-Revolution.” Arab Studies Quarterly 37 (2015): 177.

[24] Simón, Luis. 2016. “Seapower and US Forward Presence in the Middle East: Retrenchment in Perspective.” Geopolitics 21 (1): 115–47. doi:10.1080/14650045.2015.1085382.

[25] Allison E. Betus, Erin M. Kearns and A. Lemieux. “How Perpetrator Identity (Sometimes) Influences Media Framing Attacks as “Terrorism” or “Mental Illness”.” Communication Research, 48 (2020): 1133 – 1156. https://doi.org/10.1177/0093650220971142.

[26] Vito D’Orazio and Idean Salehyan. “Who is a Terrorist? Ethnicity, Group Affiliation, and Understandings of Political Violence.” International Interactions, 44 (2018): 1017 – 1039. https://doi.org/10.1080/03050629.2018.1500911.

[27] Sahar F. Aziz. “The Authoritarianization of U.S. Counterterrorism.” Washington and Lee Law Review, 75 (2018): 1573.

[28] E. Skare. “Staying safe by being good? The EU’s normative decline as a security actor in the Middle East.” European Journal of International Security, 8 (2022): 337 – 353. https://doi.org/10.1017/eis.2022.29.

[29] J. Fitzpatrick. “Speaking Law to Power: The War Against Terrorism and Human Rights.” European Journal of International Law, 14 (2003): 241-264. https://doi.org/10.1093/EJIL/14.2.241.

[30] Rabia Ali.“‘Very tight spot’: Will Netanyahu go for early elections or woo far-right?”  11.06.2024. https://www.aa.com.tr/en/middle-east/-very-tight-spot-will-netanyahu-go-for-early-elections-or-woo-far-right/3246574

[31] Humanitarian Situation Update #212 | Gaza Strip. Situation Report. Source: OCHA. 2 Sep 2024. https://reliefweb.int/report/occupied-palestinian-territory/humanitarian-situation-update-212-gaza-strip-enar

[32] Ben Harbisher. “Unthinking Extremism: Britain’s Fusion Intelligence Complex and the Radicalizing Narratives that Legitimize Surveillance.” surveillance and society, 13 (2015): 474-486. https://doi.org/10.24908/SS.V13I3/4.5436.

[33] Godlewska, Ewa. “Austria’s Attitude Towards the Integration of the Western Balkans with the European Union.” Annales Universitatis Mariae Curie-Sklodowska Sectio M Balcaniensis et Carpathiensis, 2023.

[34] M. Karimova. “Countering International Extremism.” EURASIAN INTEGRATION: economics, law, politics (2021). https://doi.org/10.22394/2073-2929-2020-4-50-55.

[35]  Kutllovci S and Çeku O, ‘North Atlantic Treaty Organization (NATO) and its Role for Security in the Western Balkans’ (2024) 7(3) Access to Justice in Eastern Europe 1-28 https://doi.org/10.33327/AJEE-18-7.3-a000308 Published Online 05 Jun 2024

[36] “The Double Standards of Western Countries Toward Ukraine and Palestine “Western Hypocrisy”.” Central European Management Journal (2022). https://doi.org/10.57030/23364890.cemj.30.4.45.

[37] Andre, Virginie, and Douglas Pratt. 2015. “Religious Citizenship and Islamophobia.” Islam and Christian–Muslim Relations 26 (2): 131–32. doi:10.1080/09596410.2015.1013728.

[38] Lingenfelder, C. “The Elephant in the Room: Religious Extremism in the Israeli-Palestinian Conflict,” 2006.

[39] انظر تصريحات المسؤولين الاسرائيليين التي عبرت عن تقصدهم إبادة الشعب الفلسطيني على موقع “المجازر الإسرائيلية”:

ISRAEL MASSACRES. DOCUMENTING ISRAELI ATROCITIES AGAINST PALESTINIANS. https://israel-massacres.com

[40]  ليس هناك اتفاق على تعريف الإرهاب، لأنه لو وقع اليوم استفتاء في الدول العربية والإسلامية حول أفعال إسرائيل في غزة والضفة الغربية، هل هو إرهاب أم لا، لجاء الجواب “نعم، نعم، نعم”، وهو ما لن توافق عليه الدول الغربية طبعا. ولو سئل الناس في نفس الاستفتاء “هل منظمة حماس إرهابية أم هي حركة تحرر وطني”، لجاء الجواب الأكيد: “حركة تحرر وطني”. وهذا كذلك ما لا تقبله الدول الغربية. إذن، هناك هاوية في الفهم بين الغرب والعرب والمسلمين بشكل عام. هاوية لا يمكن ردمها إلا بالعدل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *